· 

كيف ينبغي لصلاة المسيحيين أن تكون وفقًا لمشيئة الله؟

دراسات فى الكتاب المقدس

 

كيف ينبغي لصلاة المسيحيين أن تكون وفقًا لمشيئة الله؟

 

بقلم: تشانغ زياوبنغ- الصين

 

جميعنا نحن المسيحيون واضحون بشأن أن الصلاة ضرورية في حياتنا اليومية. ولكن عندما يتعلق الأمر بلماذا نحتاج إلى الصلاة، وما نوع الصلوات التي تتوافق مع مشيئة الرب، فإننا نفشل في شرح هذه التفاصيل بوضوح. نحن نصلّي عادة وفقًا لمشيئتنا وتصوراتنا، ونادرًا ما نسعى للحق فيما يتعلق بالصلاة، وليس لدينا أي فكرة عما إذا كانت صلواتنا تتوافق مع مشيئة الرب. شكرًا للرب! من خلال دراسة الكتاب المقدس وبعض الكتب الروحية، اكتسبت بعض المعرفة بالحق المتعلق بالصلاة. أود اليوم أن أنقل معرفتي إليكم، والتي آمل أن تكون مفيدة لكم. الرب يقودنا!

 

أولًا: دعونا نتحدث عن سبب حاجتنا للصلاة؛ في الواقع، الصلاة هي إحدى الطرق التي نتعاون بها مع الله وندعوه. عند مواجهة الصعوبات والمشكلات، نحتاج إلى دعوة الله والسعي إلى الاستنارة والإرشاد، وحينما ننالهما، سنكون قادرين بعد ذلك على فهم مشيئته، والتصرف وفقًا لمتطلباته، وطاعة تنظيماته وترتيباته. هذا هو المعنى الحقيقي للصلاة لله. لنأخذ مثالًا: عندما يواجه الطفل مشكلة ما، إذا تحدث إلى والدته بشأن ذلك، فستساعده وتزوده وفقًا لأوجه القصور لديه، وفي الوقت نفسه تخبره بما يمكن ولا يمكن عمله. تدريجيًا، سيكون الطفل واعيًا، وبالتالي يعرف كيفية التمييز بين الخير والشر، ومعرفة ما هو صواب لفعله. في الواقع، صلواتنا لله هي تمامًا مثل ذلك.

 

ثانيًا: نحن بحاجة إلى معرفة كيفية الصلاة وفقًا لمشيئة الرب. لقد مررنا جميعًا بهذه الأنواع من الأمور: عندما يصلّي الآخرون في الاجتماعات ونسمعهم يتحدثون بطلاقة وبشكل رائع، أو يقولون الكثير من الكلمات المُزيَّنة، نشعر بالغيرة الشديدة ونفكّر: "كيف يمكنهم الصلاة جيدًا؟ لماذا لا يمكنني ذلك؟ "ثم نبدأ في تقليدهم ونقول أكبر عدد ممكن من الكلمات السارة أمام الرب، معتقدين أن الصلاة بهذه الطريقة تتفق مع مشيئة الرب. سبب فعلنا ذلك هو أنه ليس لدينا أي فكرة عن نوع الصلوات التي تتوافق مع متطلبات الله. فما هي الصلاة الحقيقية؟ دعونا نرى ما قاله الرب يسوع: "حِينَ ٱلسَّاجِدُونَ ٱلْحَقِيقِيُّونَ يَسْجُدُونَ لِلْآبِ بِٱلرُّوحِ وَٱلْحَقِّ، لِأَنَّ ٱلْآبَ طَالِبٌ مِثْلَ هَؤُلَاءِ ٱلسَّاجِدِينَ لَهُ" (يوحنا 4: 23). الرب يطلب منا أن نعبد الله بالروح والحق، أي أن يكون لنا قلبًا صادقًا وأن نتكلم بكلام صادق وحقيقي إلى الله، وطالما نتحدث بانفتاح إلى الرب بقلب صادق، فسيقبل صلواتنا. الرب لا يريد قلوبنا المعوجة، ولكن قلوبنا النقيّة والصادقة. لذلك، فإن أهم شيء في الصلاة هو التحدث بكلمات صادقة ومخلصة؛ نتحدث عن نقائصنا وصعوباتنا وتمردنا على الرب، دون أن نخفي شيئًا، ونطلب منه أن يساعدنا ويخلّصنا. عندها فقط سيستمع الرب إلى صلواتنا. هذا هو ما يعنيه حقًا أن نعبد الله بالروح والحق.

 

ثالثًا: يجب أن نفحص أنفسنا: هل نتحدث من الموضع الصحيح عند الصلاة؟ هل صلواتنا منطقية؟ قال الرب يسوع: "وَحِينَمَا تُصَلُّونَ لَا تُكَرِّرُوا ٱلْكَلَامَ بَاطِلًا كَٱلْأُمَمِ، فَإِنَّهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُ بِكَثْرَةِ كَلَامِهِمْ يُسْتَجَابُ لَهُمْ فَلَا تَتَشَبَّهُوا بِهِمْ. لِأَنَّ أَبَاكُمْ يَعْلَمُ مَا تَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ تَسْأَلُوهُ. … فَلَا تَهْتَمُّوا قَائِلِينَ: مَاذَا نَأْكُلُ؟ أَوْ مَاذَا نَشْرَبُ؟ أَوْ مَاذَا نَلْبَسُ؟ فَإِنَّ هَذِهِ كُلَّهَا تَطْلُبُهَا ٱلْأُمَمُ. لِأَنَّ أَبَاكُمُ ٱلسَّمَاوِيَّ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هَذِهِ كُلِّهَا. لَكِنِ ٱطْلُبُوا أَوَّلًا مَلَكُوتَ ٱللهِ وَبِرَّهُ، وَهَذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ" (متى 6: 7-8، 31-33). "فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: تُحِبُّ ٱلرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. هَذِهِ هِيَ ٱلْوَصِيَّةُ ٱلْأُولَى وَٱلْعُظْمَى. وَٱلثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ" (متى 22: 37-39). تخبرنا كلمات الرب بوضوح بما يجب ولا يجب السعي له، فلا نحتاج أن نسأل عن أشياءٍ خارجية مثل الطعام أو الملابس أو الأشياء التي يمكن استخدامها، لأن الرب قد أعدّ هذه الأشياء لنا. لذا، فإن صلوات لأجل مثل هذه الأمور لا معنى لها، ولا يمكنها ربح قبول الرب. يجب أن نصلّي كثيرًا لاتباع طريق الرب. على سبيل المثال؛ عندما نواجه مشكلات في حياتنا اليومية، يجب أن نصلّي ونسعى لنحيا في تعفف القديسين، وعندما تصيبنا تجارب مختلفة، مثل المِحن والمرض والكوارث، ينبغي لنا أن نصلي أكثر لطلب مشيئة الرب والشهادة لإرضائه. يجب أن نصلي أكثر ونسعى لكيفية الممارسة، حتى نحب الرب من كل قلوبنا وأنفسنا وفكرنا، وهي الوصية العظمى. كل هذه الصلوات يقبلها الرب. بالإضافة إلى ذلك، وعد الرب بأنه سيأتي مرة أخرى، لذلك في هذا الأمر المهم، ينبغي أن نصلّي من أجل استنارته وإرشاده لنصبح عذارى حكيمات، ويكون بمقدورنا التعرّف على صوت الرب، وحضور عشاء عُرس الخروف. إذا أمضينا المزيد من الوقت في الصلاة بشغف في مسائل الخلاص، فإن الرب سيستمع ويقبل صلواتنا بالتأكيد.

 

إن فهمنا لهذا يمكنّنا مِن معرفة أن معظم صلواتنا السابقة لم تكن متوافقة مع مشيئة الرب. لنتمكّن من اقتناء تمييز لصلواتنا، والصلاة وفقًا لمشيئة الله، سنحلل ثلاثة أنواع من الصلوات التي تتعارض مع مشيئة الله، كما يلي، لنستخلص الدروس منها.

 

النوع الأول هو الصلاة بكلمات فارغة: دعونا نلقي نظرة على هذه الصلوات: "يا رب، أنت مخلّصي وصخرتي وملجئي. محبتك واسعة وعميقة. يا رب أحبك كثيرًا. أحبك بإخلاص!…". هذه ليست صلاة حقيقية. هذه كلمات معسولة ولطيفة نقولها للرب. إنها عبادة أوثان ذاتية ومحاولة للسعي لبركات الرب. هذا ليس إخبار الرب بالحق. بدلًا من ذلك، إنه ببساطة خداع للرب بكلمات زائفة ومبالغ فيها وفارغة. وهكذا، فإن الرب لا يستمع إلى هذه الصلوات.

 

النوع الثاني هو التوسل النهِم: هذه الصلوات نصنعها في معظم الوقت. عندما يغلق الناس عيونهم ويصلون، سيقولون: "يا رب! أعلم أنك رحوم وكلي القوة. يمكنك تحويل أي شيء إلى شيء. يا رب، بارك أبنائي حتى يتمكنوا من الالتحاق بكلية جيدة، والحصول على وظيفة جيدة بعد التخرج، والعثور على شريك حياة صالح. يا رب، أطلب منك أن تباركني بأعمال مزدهرة، وثروة كبيرة، وأسرة ميمونة…." هذه الصلوات تثير اشمئزاز الرب. إنها لا تعامل الرب على أنه الرب، بل تعتبر الرب ببساطة إله الثروة، أو مُقرِضًا أو مضيفًا، أو خادمًا. كيف يكون هذا عبادة للرب؟ لذلك، الرب لم يستمع أو يجيب على مثل هذه الصلوات.

 

النوع الثالث هو الصلاة غير العقلانية: وهي أكثر إزعاجًا للرب. دعونا ننظر إلى هذه الصلوات: "يا رب، أطلب منك مساعدتي في إنهاء المهمة بنجاح". "يا رب، احمني من أي كارثة. يا رب، أطلب منك أن…". هذه الصلوات غير عقلانية وتتعارض مع مشيئة الرب. هذه مطالبات وتشكيل ضغط على الرب. إنها يدور حول توجيه التعليمات والأوامر للرب. نحن أقل من الغبار، ويجب أن يكون لدينا منطق أمام الخالق. علينا أن نكون أتقياء، ويجب ألا نتصرف بلا احترام. دعونا نلقي نظرة على صلاة الرب يسوع المسجّلة في الكتاب المقدس: "يَا أَبَتَاهُ، إِنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هَذِهِ ٱلْكَأْسُ، وَلَكِنْ لَيْسَ كَمَا أُرِيدُ أَنَا بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ" (متى 26: 39). يمكننا أن نرى من هذا أنه في صلاته– من منظور كائن مخلوق– تكلّم الرب يسوع بعقلانية مع خضوع للأب السماوي. على النقيض من ذلك، فإن صلواتنا أمام الله غير عقلانية. لهذا السبب لم يستمع الرب إلى صلواتنا. فكّر في أننا إذا قلنا لآبائنا بعد العودة إلى المنزل: "اعطني المال! افعل هذا أو ذاك من أجلي!"، سيحتقرنا آباؤنا ويقولون إننا أطفال عديمي الحياء. وبالتالي، أن نكون مطيعين وعقلانيين في الصلوات أمر مهم للغاية.

 

يجب أن نحذَر من الأنواع الثلاثة المذكورة أعلاه من الصلوات المتدنية. من أجل فهم أفضل للحقيقة حول كيفية الصلاة وفقًا لمشيئة الله، دعونا نلقي نظرة على صلوات القديسين التي بحسب قلب الله على مر العصور: صلّى موسى كثيرًا لإكمال تكليف قيادة بني إسرائيل إلى أرض كنعان، وصلّى داود طوال حياته ليبني هيكلًا لله، وصلّى إبراهيم لطاعة الله عند تقديم إسحاق، وصلّى أيوب ليشهد بثبات في التجارب، وصلّى بطرس ليحب الله ويعرفه حقًا، وما إلى ذلك. كانت صلواتهم تؤدى لاتباع مشيئة الله، أو طاعة أوامر الله وتنظيماته، أو التخلص من الشخصيات الفاسدة لإرضاء الله. على الرغم من أنهم لم يصلّوا من أجل المكانة أو الشهرة، فإن ما منحه الله لهم تجاوز ما يمكنهم تخيله. من هذا، يمكن أن نرى أن صلواتهم قد أثنى عليها الله. تماما كما يقول الكتاب المقدس: "لَكِنِ ٱطْلُبُوا أَوَّلًا مَلَكُوتَ ٱللهِ وَبِرَّهُ، وَهَذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ" (متى 6: 33). بدمج صلوات القديسين وكلمات الرب هذه، هل نفهم بشكل أفضل نوع الصلوات التي تتوافق مع مشيئة الرب؟ ينبغي أن نصلّي من أجل معرفة الرب ومخافته وطاعته ومحبته، وينبغي أن نصلّي لنطرح طبيعتنا الخاطئة، ونصير أناسًا صادقين، وينبغي أن نصلّي لنشر الإنجيل وخلاص النفوس، الخ. باختصار، كل هذه الصلوات التي تمت لاتباع مشيئة الله، وللوفاء بشكل مُرضٍ بواجبات كائن مخلوق، ولطاعة الرب وإرضائه، تتوافق مع مشيئة الرب.

 

شكرًا للرب! إنها نعمته التي تمكننا من الحصول على هذه المعرفة. دعونا نقدّم ملخصًا أدناه للصلوات التي تتوافق مع مشيئة الرب، حتى نتمكن من الدخول في صلاة حقيقية.

 

أولًا: ينبغي أن نكون أناسًا صادقين، ونتحدث بكلمات صادقة ومخلصة، وينبغي ألا نقول أمورًا زائفة أو مبالغ فيها أو فارغة لخداع الرب.

 

ثانيًا: ينبغي أن نعرف ما الذي نسعى ولا نسعى إليه، وعلينا ألا نطلب مطالب مُفرطة.

 

ثالثًا: ينبغي أن نمتلك إحساس الكائن المخلوق، والوقوف في محلنا، وطاعة الرب، والسعي إلى ما لا نفهمه وانتظار كشف مشيئته لنا، وعلينا ألا نوجه الرب أو نطالبه.

 

إن الممارسة وفقًا للجوانب الثلاثة المذكورة أعلاه، ستمكّن صلاتنا من التوافق مع مشيئة الرب. في هذه المرحلة، أيها الإخوة والأخوات، أعتقد أنكم تعرفون الآن كيف تصلّون.

 

المصدر مأخوذ من: دراسة الكتاب المقدس 

 

موصى به: