الصعوبات هي بَركات الله

الصعوبات هي بَركات الله

الصعوبات هي بَركات الله

 

بقلم: شيانغ يانغ

 

ذات يوم، قرأتُ قصة رمزية: كان هناك مزارع يأمل ألا يتأثر قمحه بأي طقس سيء أثناء نموه، ولكن أن ينمو طويلًا وقويًا في الرياح الخفيفة وأشعة الشمس. ولكن عندما تحققت أمنيته وحان وقت الحصاد، لم تحمل السنابل حبوبًا. وهذا يحدث إذا لم يتعرض القمح لجميع أنواع الطقس القاسي أثناء نموه، فلن يحمل محصولاً غنيًا.

 

نمو القمح جعلني أفكِّر في حياتنا، وكيف نحتاج نحن أيضًا إلى أن نتعرض للرياح والمطر، وإلا سننمو مثل الزهور في صوبات، ويصبح تكويننا هَشًا للغاية، ونسقط عند أول هبّة ريح، ولا نكون قادرين على التكيّف مع كل أنواع البيئات الصعبة والحقائق القاسية. يقول الكتاب المقدس: "لِأَنَّ ٱرْتِدَادَ ٱلْحَمْقَى يَقْتُلُهُمْ، وَرَاحَةَ ٱلْجُهَّالِ تُبِيدُهُمْ" (أمثال1: 32). عندما تكون بيئتنا مريحة وسهلة، فكل ما نفعله هو أن نمتِّع جسدنا، ونكون ببساطة غير قادرين على الاتكال بصِدق على الله، أو نتطلع إليه أو نقترب منه. ويمكن أن يتحول دخولنا إلى الحياة أيضًا إلى فتور، وعندما تصيبنا حالات الفشل والانتكاس، يمكن بسهولة أن نصبح سلبيين وضعفاء، ويمكن أن نفقد إيماننا بالله، وفي الحالات الخطيرة، يمكن أن ننكر الله ونخونه. لذا، إن أراد شخص ما أن ينمو في الحياة، فعليه أن يتعرض لبعض النكسات والفشل والضيقات. عندما نختبر العديد من الصعوبات، نتعلم كيف نتكل بصدق على الله ونتطلّع إلى الله، ونقيم علاقة طبيعية معه، ورويدًا رويدًا نصبح مُشكَّلين وثابتين، وتنمو سريعًا مشيئتنا وقدرتنا على التحمل، وقدرتنا على الحُكم على الأشياء، والتعامل مع المشكلات. يزداد أيضًا نضجنا، وننمو في الحياة مع مرور الأيام. لذا، فنحن لا ننمو إلا من خلال اختبار الصعوبات والضيقات.

 

وبالمثل، من جهتنا – نحن المؤمنون بالله – فإن الخضوع للصعوبات والتنقيّات هو أعظم بَرَكة من الله، لأننا إذا أردنا أن نربح الحياة، فيجب علينا أن نواجه الصعوبات والمعاناة. يقول الكتاب المقدس: "كَثِيرُونَ يَتَطَهَّرُونَ وَيُبَيَّضُونَ وَيُمَحَّصُونَ" (دانيال 12: 10). ٱلْبُوطَةُ لِلْفِضَّةِ، وَٱلْكُورُ لِلذَّهَبِ، وَمُمْتَحِنُ ٱلْقُلُوبِ يَهْوَهْ" (أمثال 17: 3). هناك العديد من الآيات مثل هذه في الكتاب المقدس، وهي تخبرننا أنه لا يمكننا رؤية قاماتنا الحقيقية، واكتشاف أوجه القصور والعيوب الخاصة بنا إلا من خلال مواجهة الصعوبات والتنقيّات. في الوقت نفسه، نصل إلى معرفة حقيقية بمشيئة الله التي تكمن وراء ترتيب هذه الصعوبات، وكذلك عن شخصيته وما لديه وماهيته. لا يمكن أن تتطهّر شخصياتنا الفاسدة والشوائب التي في إيماننا بالله إلا من خلال اجتياز هذه الصعوبات والتنقيّات، وعندئذٍ فقط يمكن أن يحوّلنا الله إلى أشخاص يطيعون الله ويحبونه ويرضونه. على مر التاريخ، تقوّى هؤلاء القديسون والأنبياء القدامى من خلال الصعوبات، قبل أن يحظوا بإيمان حقيقي بالله ويطيعوه، وعندها فقط اكتسبوا مديح الله. خذ إبراهيم كمثال. طالبَه الله أن يقدّم ابنه إسحق – الذي وُلِدَ له عندما كان عمره مائة عامٍ – إلى الله كذبيحة مُحرَقة، وخلال هذه التجربة، تخلّى إبراهيم عن ابنه الوحيد المحبوب لإرضاء الله. الصدق والطاعة اللذان أظهرهما لله حازا رضا الله، وقد وعد الله إبراهيم بأن أحفاد نسله سيتضاعفون ويزدادون، وأصبح إبراهيم أبًا لأممٍ كثيرة. لقد مرَّ موسى بأربعين عامًا من الصعوبات في البريّة، ولم تُخلّصه هذه المعاناة من سرعة غضبه فحسب، بل قوَّت أيضًا من إرادته وقدرته على التحمُّل، وكمَّلت إيمانه الحقيقي بالله، وبعدها، أصبح لائقًا ليستخدمه الله. لقد تحمّل العبء الثقيل المتمثل في إخراج بني إسرائيل من مصر، ومن خلال الاعتماد على إيمانه، أنجز المهمة التي أوكلها إليه الله. خلال الصعوبات والتجارب التي عاناها أيوب من سرقة ثروته ونهاية أبنائه نهايات مؤلمة، والقروح المؤلمة التي انفجرت في جسده كله، لم يتكلم بخطيّة، وكان يؤمن أن يهوه قد أعطاه كل ما كان له، وأيضًا يهوه قد أخذه. بغض النظر عمّا فعله الله، ظلّ أيوب يمجِّد اسم يهوه، وتكمَّل إيمانه وطاعته ومخافته لله من خلال هذه الصعوبات والتجارب. بارَكه الله، وسمح له بأن يسمع بأذنيه صوت الله، ومنح أيوب ثروة أكثر من ذي قبل. ثم كان هناك بطرس الذي اختبر المئات من التجارب والتنقيّات. تلك الأمور بداخله التي تمرّدت على الله، وكذلك شخصيته الفاسدة، تطهّرت جميعًا تدريجيًا، وتكوّن في داخله فهمًا حقيقيًا ومحبة للرب. وفي النهاية، صُلب بطرس مُنكّس الرأس من أجل الرب، ومن ثمَّ حمَل شهادة مدوية في الطاعة حتى الموت والمحبة الفائقة لله، وأصبح مثالًا يتطلّع إليه كل من يحب الله.

 

قال الرب يسوع: "مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي" (مرقس 8: 34). الإيمان بالله هو طريق صعب ومتعرج ووعِر. بينما نسير على هذا الطريق، ينبغي أن نخضع للعديد من التجارب والتنقيّات، مثل المرض والفقر، وتشويه السُمعة من أهل العالم، وما إلى ذلك. عندما تصيبنا هذه الصعوبات والتنقيّات، فهل نحن قادرون على الصمود أمامها، ولا نُلقي باللائمة على الله أو نسيء فهمه، ونتعلم أن نتقبّل الأمر مِن الله، ونركز على تعلُّم الدروس والانخراط في التأمل الذاتي، مِمّا يساعدنا على النمو في حياتنا؟ في الواقع، بمجرد مرورنا على الصعوبات والتنقيّات، يمكننا جميعًا أن نقدّر حقًا أن الصعوبات هي أعظم بَرَكَةٍ يمكن أن يهبها الله لنا! فلا يمكننا التخلُّص مِن شخصياتنا الفاسدة ثم التغيّر إلا من خلال اجتياز الصعوبات والمعاناة، وفقط عندما تتغير شخصياتنا نصبح مؤهلين لتلقي ميراث الله واقتناء وعده!

 

المصدر مأخوذ من: دراسة الكتاب المقدس

 

تستحق التوصية:

 

ايات مشجعة من الكتاب المقدس - اقرأ الآن لمعرفة المزيد.

 

التجارب في الكتاب المقدس مخبأة داخل بركة الله ما وراء خيالك